السلام عليكم آسف لتأخري بالجزء الثاني
سوف أذكر في هذا الجزء رأي الفقهاء حول هذا الموضوع
يقول الإمام ابن حزم في كتابه طوق الحمامة: "الحب أعزك الله أوله هزل وآخره جد. دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة )
يقصد انه لا أحد يحكم على الحب الذي ذاقه وعانى منه
الحب هنا هو النفس للنفس وليس حب الاعضاء للاعضاء والدليل على ذلك
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)
يرى الامام ابن حزم ان الحب ليه اقسام منها :
محبة القرابة، ومحبة الألفة، ومحبة الاشتراك في المطالب، ومحبة التصاحب والمعرفة، ومحبة البر يضعه المرء عند أخيه، ومحبة الطمع في جاه المحبوب، ومحبة المتحابين لسر يجتمعان عليه يلزمهما ستره، ومحبة بلوغ اللذة وقضاء الوطر، ومحبة العشق التي لا علة لها إلا ما ذكرنا من اتصال النفوس. فكل هذه الأجناس منقضية مع انقضاء عللها وزائدة بزيادتها وناقصة بنقصانها، متأكدة بدنوها، فاترة ببعدها [أي أن كل هذه الأنواع من الحب تنقضي بانقضاء السبب المتعلقة به، وتزيد مع زيادته وتنقص مع نقصانه)
نظرية الامام الجوزى فى الحب
الإمام ابن الجوزي في كتابه "ذم الهوى" أن العشق شدة ميل النفس إلى صورة تلائم طبعها؛ فإذ قوي فكرها فيها تصورت حصولها، وتمنت ذلك؛ فيتجدد من شدة الفكر مرض
نظرية الحب عند الامام ابن القيم
يقول الإمام ابن القيم في كتابه "نزهة المشتاقين": الداعي إلى الحب قد يراد به الشعور الذي تتعبه الإرادة والميل؛ فذلك قائم بالمحب. وقد يُراد به السبب الذي لأجله وُجدت المحبة وتعلقت به، وذلك قائم بالمحبوب. ونحن نريد بالداعي مجموع الأمرين وهو ما قام بالمحبوب من الصفات التي تدعو إلى محبته، وما قام بالمحب من الشعور بها، والموافقة التي بين المحب والمحبوب وهي الرابطة بينهما.
ظاهر كل هذه النظريات ان الحب هو حب النفس للنفس الحب المجرد من الشهوات والنزوات
صور من الحب فى عهد النبى عليه السلام وطرق الاحتفاظ بهذا الحب
ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً قال: "يا رسول الله في حجري يتيمة قد خطبها رجل موسر ورجل معدم، فنحن نحب الموسر وهي تحب المعدم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم نر للمتحابين غير النكاح
وعن سهل بن أبي حثمة أنه قال: "رأيت محمد بن مسلمة يطارد بثينة بنت الضحال فوق أجران لها ببصره طردًا شديدًا، فقلت: أتفعل هذا وأنت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أُلقيَ في قلب امرئٍ خطبة المرأة فلا بأس أن ينظر إليها
وقال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "يا أمير المؤمنين إني رأيت امرأة فعشقتها، فقال عمر: ذاك مما لا يملك"
خلاصة كل ما سبق ذكره من اقاويل
* ان الحب ملك لله وهو امر يخرج على العادة من ارادة الانسان فهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما سألته احدى زوجاته العدل بينهم فى حبه فقال (اللهم ما هذا حكمى فيما املك فلا تلومنى فيما تملك )
*
خلاصة ما سبق وحكم الشرع فى الحب
الحب جائز وشئ مباح ليس بمحرم فلا يأثم من احب امراة ولا تأثم من تحب رجل الا ان هناك بعض الضوابط الشرعية لذلك لا يجوز التحايل عليها او الخروج عن الاعتدال فيها منها :
* ان تكون العلاقة فيما بينهم علاقة لا يتخللها النزوات والشهوات والافعال المحرمة (يعنى مسك الأيدي ..... والباقي أنتم تعرفونه ) )
* ان تكون علاقتهما منتشرة بين الاهل فى حدود وتحت نظر كلا الوالدين الاب والام للرجل والمراة (يعنى التليفونات اخر الليل وانا ذاهب أحضر محاضرة من صديقتي كله تحايل على الشرع وحرام)
* ان يكون حبهم عفيف عما يغضب الله عز وجل (يعنى وقت بأذن للصلاة وانت رايح تقابل لانه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق )
* ان لا يحدث بينهما الخلوة الغير شرعية (فمثلا بعض اللأشخاص يذهب لمقابلة صديقة له في كافيتريا تراه أكثر الأحيان خائف من أن لا يراه أحد طيب لماذا تخاف أكيد لأنه يعرف أنه غير جائز و يخاف من الفضيحة
و بعضهم يقول لا تأتي حبيبتي إلا معها صديقتي يعني كأنك تقول أنها محرم لها مثل أختها و والدتها طيب تأخذها معا إذاً معها عندما تذهب إلى الحج)
أحبائي سوزف أذكر و أوضح سيكلوجية المرأة وعاطفتها و لماذا التركيز عليها
قبل أن أكمل ماذا ذكرته سابقاً و ما سوف أذكره لا يدل على تشددي على الحب و المراة بل أبين لكم مدى رحابة الإسلام وسعته حول ذلك
ا
لمرأة بحكم تكوينها النفسي، أكثر عاطفة، وأرهف إحساسًا من الرجل، فحبها أعمق وشعورها أقوى، ولكن الحب -في كثير من حالاته- أصبح مشكلة خطيرة تضر بالمجتمع وأفراده، فقد طغت الصور المحرمة منه على الصور الحلال، وانتشر الفساد، وتفككت الأسر، وخُرِّبت البيوت، وانتهكت الحرمات، كل هذا تحت شعار الحب.
أسباب المشكلة:
ولمشكلة الحب الحرام أسباب عديدة منها:
انتشار كثير من المفاهيم والأفكار الخاطئة لدى الشباب عن ضرورة ممارسة الحب، وتجربته، ومعايشته، مما ينتج عنه من سوء الخلق المتفشي في أيامنا هذه، والاختلاط الفاسد دون رقابة أو حدود في البيت بين الأقارب وغير الأقارب، وفي الشارع، وفي وسائل المواصلات، وفي المدارس والجامعات، وفي الأندية والمنتزهات، فكان سبيلاً للفساد ونشر الفتن والشرور، فبه تسهل الرذيلة ويعمل الشيطان عمله.
قال الشاعر :
نظرة فابتسامة فســلام فكلام فموعــد فلقـاء
فالنظرة سهم من سهام إبليس، فمن أطلق لها العنان لم يجن إلا الهلاك.
يقول الشاعر:
كل الحـوادث مبداها من النظـر ومعظم النار من مستصغر الشــرر
وسائل الإعلام بصورها العديدة، وما تبثه من أفكار، وما تعرضه من أفلام ومسلسلات، تصور الحب الحرام في صور تجعل منه عنوان التضحية والوفاء، فتمسخ بذلك قيم وأخلاق الشباب، وتدفعهم إلى التجربة دفعًا حتى يكون لهم نصيب من هذه التضحية والفناء في سبيل الحب!!
نتائج المشكلة:
فكان نتيجة هذه الأسباب أن انتشرت الفتن وغلبت الشهوات، فكم من زوجة خانت زوجها، وكم من زوج خان زوجته، وكم من فتاة فقدت عنوان شرفها، وكم من فتى عاث فسادًا، وكم من مقدسات انتهكت، وحرمات أبيحت، كل هذا تحت دعوى الحب!!
دور المرأة:
وهنا يأتي دور المرأة أو الفتاة، والتي إذا فرطت في كرامتها وانساقت مع تيار هواها، كانت سبيلاً للفتنة والفساد، فهي الزوجة التي بحبها لزوجها وكونها السكن والأمان له تصون بيتها وتحفظ مجتمعها، وهي الأم التي بتربيتها لأبنائها وفق المبادئ والقيم السامية تمد المجتمع بالسواعد القادرة على بنائه والنهوض به، فعلى المسلمة الالتزام بالضوابط التي وضعها الإسلام لما فيه صلاح الأفراد وخير المجتمع...
ضوابط إسلامية:
ويجب مراعاة بعض الضوابط التي وضعها الإسلام لصيانة الفرد وحماية المجتمع مثل:
1- الأمر بغض البصر والنهي عن النظر الحرام، قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن} [النور: 30-31]، وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال، قال (: (النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة، فمن تركها من خوف الله أتاه إيمانًا يجد حلاوته في قلبه) [الحاكم].
2- عدم الاختلاط إلا لضرورة تهدف لخير الإسلام والمسلمين، وتجنب الاختلاط الفاسد للهو والعبث.
3- الاهتمام بالزواج، والترغيب فيه، وتيسير سبله، وجعله الوسيلة الشرعية لتحقيق الحب والسكن، قال تعالى : {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} [الروم: 21]، وقال (: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)
[متفق عليه].
4- حث المرأة على الحفاظ على زوجها، وعلى حيوية الحب بينهما من خلال أعمال بسيطة كتبادل الهدايا، والنظرات الحانية الدافئة، والمشاركة يدًا بيد في أعماله ونشاطاته، فالحب كالزرع ينمو بالرعاية، ويذبل بالإهمال.
5- الدعوة إلى التمسك بالفضائل، ونهي النفس عن الهوى، قال تعالى: {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى. فإن الجنة هي المأوى}
[النازعات: 40-41].
6- بيان أن كل أمور الدنيا ما هي إلا وسائل نحو الغاية السامية، وهي الوصول لأسمى درجات الإيمان ممثلة في حب الله ورسوله، فهو غاية الفرد التي إليها يسعى، وبها ينال الفوز والسعادة قال تعالى: {والذين آمنوا أشد حبًّا لله} [البقرة: 165]، وقال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} [آل عمران: 31].
أرجو أن أكون قد أوصلت فكرتي إليكم حول الحب في نظر الإسلام
سوف أبدأ في الأجزاء القادمة أحكام الخطبة قبلها و بعدها